من مواطن مقيم بالخارج إلى قائد العسكر: لماذا أرفض مساعدة مصر؟

خرج علينا قائد العسكر السيسي قائلا إن 9 ملايين مصري يقيمون خارج البلاد، و مفروض أن يخلوا عندهم دم ويساعدوا بلدهم مصر صاحبة الفضل عليهم في تربيتهم و تعليمهم، و يحولوا لها اﻷموال.
و بصفتي أحد الذين خاطبهم قائد العسكر، فإليه و إلى حزبه العسكري المسلح، ردي : لن أحول مليما واحدا لمصر، و إلى شعب مصر: هذه قصتي وهي قصة 9 ملايين مصري مغتربين قهرا وقسرا منذ 60 عاما على يد العسكر:

أنا ابن أسرة فقيرة شبه معدمة.. تربيت يتيما ضعيفا، فلم أجد أي حماية من دولة العسكر من أي شخص يظلمني، فلم أجد من العسكر أي حنية كما تحدثوا عنها في بيانهم يوم 1 يوليو، تمهيدا لاغتصاب الحكم من رئيس انتخبه الشعب، و اجتهدت والدتي الست الفلاحة في تربيتي و إخوتي بكدها و عرقها، بينما ضباط العسكر ينهبون أموال مصر وأراضيها طولا وعرضا، فلم يشعر أي نطع منهم أن يحنو على اﻷيتام، أو يخصص العسكر أراض أو مساعدات لﻷيتام، و لم يشعر أي حقير نذل من ضباط العسكر، بالخزي و هو يرى أرملة تفترش الرصيف تبيع مناديل وتمد يدها في تذلل، وهو يتباهى بالنجوم النحاسية فوق كتفه و يغرف من أموال الشعب و أراضيه.

تعلمت تعليما متميزا بفضل أخلاق القرية، فهناك كتاب عم محمد الفخراني، و هناك أساتذة أفاضل علمونا بضمير، و بدون دروس في أحيان كثيرة، و بمبالغ زهيدة في أحيان نادرة، قبل أن تهب أخلاق سينما العسكر على الريف فتدمره..
حصلت على 99.5 % في الثانوية العامة أدبي، كنت أول مدرستي، كانت أمنيتي أن ألتحق بكلية سياسة واقتصاد، و أصبح سفيرا، لكن أحد أساتذتي أفهمني أن مصيري سيكون الشارع، و لن يقبلوني في السلك الدبلوماسي ﻷني من فقراء الشعب المصري، و لا واسطة لدي.. وأن مجموعك الكبير وتفوقك الدراسي بله و اشرب ميته ، فهذا هو القانون في دولة العسكر التي قهرت الشعب كله و لا تزال منذ 60 عاما.

تسابق كل أقراني في الثانوية العامة للتقديم في الكليات العسكرية، و اقترحت علي والدتي أن تبيع 6 قراريط أرض ندفعها رشوة و ألتحق بكلية عسكرية، فتأشيرة المرور لعالم العسكر هي أن تبدأ حياتك مجرما منحرفا، فرددت على والدتي بأن أحد أقاربها من اﻹخوان المسلمين وسبق اعتقاله، و عليه فدخولي الكلية الحربية مستحيلا، ولم أشعر بضيق نحو قريب و الدتي، ﻷنه حر في اختياره، بعد سنوات ، و و عند قيام العسكر باغتصاب السلطة من الشعب في انقلاب 3 يوليو ، أدركت أن قريب و الدتي دخل المعتقل لارتكابه جريمة كبيرة جدا لا يغفرها العسكر له أو لمن يسلم عليه أو يجاوره، و هي جريمة حب مصر.
قررت الالتحاق بكلية التربية، لكن بإلحاح من أخي التحقت بكلية اﻹعلام جامعة القاهرة.. تدربت 4 سنوات بمساعدة أناس أفاضل قليلون، إيمانهم بأنه يجب أن تساعد أي شاب طالما أن مؤهله الجدية و حب العمل.

تخرجت الخامس على قسم الصحافة، فلم يوفر لي العسكر فرصة عمل، بل إنهم منعوا فتح أي وسائل إعلام يمكن توفر لنا فرصة عمل، فلا العسكر وفروا لنا عملا ، و لا تركوا غيرهم يوفر لنا فرص عمل.
عدد من زملائي خريجو كلية اﻹعلام ، عملوا في محلات الفول و الطعمية، و بعدها هاجروا إلى الصين و فرنسا، بعد أن أغلقت دولة العسكر في وجوههم توفير أي فرصة عمل ، أو السماح لغيرهم بتوفير فرص عمل للشباب.. و في غضون سنوات نجحوا وأصبحوا من شباب رجال اﻷعمال في الغربة، بعيدا عن دولة العسكر.
بعد طول معاناة ، و مع قيام العسكر بتجديد الدماء في نظام حكمهم، قرر رجلهم الحاكم مبارك، السماح لعدد من رجال اﻷعمال العلمانيين المرتبطين بحكمه بفتح عدة صحف، تروج للفكر العلماني، و من هذه الصحف المصري اليوم و الشروق و التحرير و الدستور و اليوم السابع، وهدف هذه الصحف هو تجديد دماء النظام العسكري العلماني، و الاستمرار في منع مصر من أن تعود دولة إسلامية ، لدرجة أن مالك إحدى هذه الصحف طرد صحفية لمجرد أنه رأى أن حجابها يوحي بأنها من التيار اﻹسلامي.

كان التلفزيون الحكومي مغلقا، و فتحت الجزيرة مباشر مصر، و التحقت بها، و كان إعلام العسكر يروج عنها خزعبلات و خرافات و أمور مضحكة، لا يرددها إلا من في قلبه مرض و غل، حتى اغتصب العسكر الحكم من الشعب، و أغلقوا القناة كما أغلقوا غيرها ممن تشككو أنها ربما لن تعبدهم بإخلاص ، و حولوا كثيرين إلى عاطلين عن عمل، بل إنهم تسببوا في فصل صحفيين يعملون في صحف العسكر.

سافرت خارج مصر كغيري نبحث عن عمل من جديد، بعد أن أغلق العسكر كل فرص العمل أمامنا، فقد هجرونا من مصر، تذكرت أن الحكم العسكري هجر قبلي 10 ملايين مصري للخارج، بعضهم مات غرقا و هو يحاول الفرار من جحيم دولة العسكر.

فيما أعرف، فإن الشعب المصري يحب وطنه جدا، و لم يعرف التهجير إلا منذ تأسيسس الحزب المسلح العلماني على يد محمد علي منذ 200 عاما، يومها فر آلاف الفلاحين من قراهم إلى القاهرة و إلى الشام أيضا، ثم تلاحقت موجات الهجرة لخيرة عقول مصر خلال الستين عاما اﻷخيرة لحكم العسكر خاصة عهد عبد الناصر، حيث تم تهجير العلماء ﻷوربا، و تهجير الفلاحين و العمال للخليج ثم للعراق و ليبيا.

في الواقع إن قائد العسكر، لا يطلب منا مساعدة مصر، بل مساعدة حزبه المسلح وضباطه من اجل الاستمرار في اغتصاب الحكم من الشعب، حتى أنهم نهبوا أموال الجمعيات الخيرية اﻹسلامية ، وطردوا المرضى من مستشفياتها ، وجوعو الفقراء في مشهد ينم عن حقد دفين وغل متأجج من العسكر تجاه الشعب المصري، في الوقت الذي يستقطع العسكر للكنيسة عشرات الكيلو مترات من خيرة أراضي مصر الغنية باﻵبار ويمنحوها لها مجانا.. و يمنعون أبناء الشعب المصري المسلم من مجرد زراعة نخلة هنا أو هناك في الصحراء البور.
و قائد العسكر يعتبر أنه وضباطه هم دولة مصر، فدائما يتحدث أن الدولة هي 50 ألف ضابط عسكري، و كأننا نحن الشعب المصري ال 90 مليون لسنا الدولة.
إلى العسكر ، إذا أردتم أن تساعدوا مصر، فوفروا فلوس الخمارات الموجودة في فنادق العسكر للشعب.. و أعيدوا للشعب اﻷموال التي تنفقونها على الراقصات في حفلاتكم و جلسات المجون.
راتب الملازم تضاعف من ثورة 25 يناير من ألفين من الجنيهات إلى 7 آلاف جنيه اﻻن.. وكله من أموال الجباية التي تحصلون عليها من مص دم الشعب الغلبان.
ممكن يا عسكر تساعدوا مصر، و تتركوها لشعبها، فو الله إن الشعب لن يقبل أن تظل مسروقة منه، فهذه بلدنا ووطننا لن نفرط فيه ابدا لشوية حرامية يتحدثون باسم مصر و الدولة.






0 التعليقات:

Facebook Blogger Plugin: Bloggerized by Amineblog.com Enhanced by MyBloggerTricks.com

إرسال تعليق

 
ميديا لايف مصر © جميع الحقوق محفوظة